اصطخر( ) ، ويلقب حاكم هذا الاقليم في العهد الساساني بكرمان شاه( ) واشهر مدن كرمان هي السيرجان قصبة الاقليم و وجيرفت , وبم , وهرمز( ) .
- اقليم خراسان :
ويعني البلاد الشرقية( ) , ويؤلف هذا الاقليم الجزء الشرقي من ايران , ويمتد نحو تخوم الصين , والهند , ويضم هذا الاقليم نهرين كبيرين هما نهر (هراة) ويسمى ايضا (هري رود) , ونهر مروآب او (المروين)( ) , والى الشرق من هذين النهرين يجري نهر (اوكسس) ويسميه العرب نهر جيحون والذي يعد الحد الفاصل بين خراسان وما وراء النهر( ).
وقد ابقى المسلمون تقسيم خراسان على ما كان عليه ايام الدولة الساسانية , بسبب ظروف الدولة الاسلامية واحوالها في اوائل عهدها والتي فرضت عليهم الاهتمام بامر توسيع الدولة( ) , حيث كانت خراسان مقسمة الى اربعة اقسام ادارية يحكم كل قسم منها مرزبان ومجموعة المرازبة تحت سلطة الاصبهذ( ) . واهم مدن اقليم خراسان هي مدينة نيسابور , ومعناها عمل سابور الطيب , وقد بناها الملك الساساني سابور الاول (241-272م)( ) , واعاد بناءها الملك سابور الثاني (309-379م)( ) . وسميت نيسابور في صدر الاسلام باسم ابر شهر( ).
ومن المدن المهمة الاخرى مدينة هراة , وهي تمثل احد ارباع اقليم خراسان , وتقع في البلاد المعروفة في الوقت الحاضر بافغانستان , وتعتمد في زراعتها على مياه نهر هراة او (هري رود) الذي ينبع من جبال الغور( ) , وفيها بيت نار يسمى سرشك( ) .
وتعد مدينة مرو الواقعة على نهر مروآب (أي ماء مرو) من المدن المهمة في اقليم خراسان وتعرف باسم مرو الشاهجان , تمييزا لها عن مرو الروذ وهي مرو الصغرى( ) . ثم مدينة بلخ (أي ام البلاد) وهي احد ارباع خراسان( ) . ويضم هذا الاقليم مدينة بارثيا القديمة موطن الفرثيين ( ) .
- اقليم اذربيجان :
عرف هذا الاقليم قديما باسم (اتروباتين)( ) , ويقع عند النهاية الغربية لجبال البرز , ويحده من الشمال نهر (ارس) ومن الجنوب نهر (سفيد رود) , وكلا النهرين يصبان في بحر قزوين( ) ، وتعد بحيرة ارومية اهم العوارض الطبيعية في هذا الاقليم , وهي اوسع رقعة
دائمة المياه في ايران( ) , ويمتاز اقليم اذربيجان بخصوبة اراضيه ووفرة مياهه , وانتشار الاشجار المثمرة والغابات على سفوح الجبال( ) .
وقد شهد هذا الاقليم هجرات عديدة لاقوام مختلفة مثل الميديين , والاكراد والاتراك , حيث يتصل اقليم اذربيجان من الشمال بارمينيا , ومن الغرب ببلاد الاناضول( ) ، وقد كان ايام الدولة الساسانية تحت ادارة اصبهذ الشمال الذي يسمى اصبهذ اذربيجان( ) , واهم مدن الاقليم اردبيل , والمراغة , وروشان , و مرند( ). ويذكر ان اقليم اذربيجان هو موطن زرادشت نبي الديانة الزرادشتية( ) .
- اقليم قومس :
يقع في الجزء الشمالي الغربي من ايران( ) , ويمتد في محاذاة جبال البرز التي تمثل حدوده الشمالية , وتؤلف اراضيه رقعة جغرافية ضيقة بين حافة هذه الجبال وبين الصحراء الكبرى في جنوبه( ) , ويمر بهذا الاقليم الطريق التجاري القادم من اقليم الجبال الى اقليم خراسان( ) , ومركز اقليم قومس مدينة (الدامغان)( ) , ويذكر (ياقوت الحموي)( ) ان في هذه المدينة بناءً عظيماً من زمن الاكاسرة , يقسم المياه الجارية الى الدامغان على مئة وعشرين نهرا للسقي . ومن مدن الاقليم الاخرى (بسطام) وهي اخصب مناطق الاقليم( ) ، و (خوار) ابعد مدن قومس غربا على طريق خراسان وهي اشد نواحي قومس برودة لقربها من المناطق الجبلية لا سيما جبل (ديماوند) الذي تنحدر منه المياه الى داخل المدينة( ) .
- اقليم طبرستان:
يقع اقليم طبرستان شمال شرق اقليم قومس ويعني (بلاد الجبل) , لان معظم اراضي هذا الاقليم تقع ضمن سلسلة جبال البرز الممتدة بمحاذاة الساحل الجنوبي لبحر قزوين( ) . وهذا الاقليم كثير الامطار , واحيانا تكون الامطار على مدار السنة , حيث تبقى الثلوج على قمم جبل ديماوند( ) . وقد ذكر (المقدسي)( ) ان اهل طبرستان يربون دودة القز فيرتفع منها الحرير الكثير الذي يحمل الى الاقاليم المجاورة .
وقد بطل استعمال اسم طبرستان منذ المئة السابعة للهجرة (الثالثة عشر للميلاد) وحل محله اسم مازندران , ومنذ ذلك الوقت اصبح اسم مازندران الاسم الشائع لهذا الاقليم , وهو اخر اقاليم الدولة الساسانية دخل اليها الاسلام( ) , ويقع ضمن هذا الاقليم المنطقة المسماة (جبل قارن) , موطن اسرة قارن , احدى الاسر السبع الممتازة( ) , في الدولة الساسانية , حيث جاءت اسماء آل قارن في اخبار الساسانيين , لاشغالهم مراكز حساسة في الدولة , وكانت هذه المنطقة امنع معاقل ال قارن التي توارثوها ايام الفرثيين والساسانيين( ) .
وفي شرق اقليم طبرستان يوجد طريق يربط المنطقة الجبلية بساحل بحر قزوين يقال ان الملك الساساني كسرى انو شروان (531-579م) شقه ليكون دربا يسلكه من يخرج من طبرستان( ) ، ويشتهر هذا الاقليم بانتاج نوع من الاخشاب يسمى الخلنج الذي يستخدم في صنع الاوانـي والاطباق( ) ، اما مدن الاقليم فاشهرها مدينة (آمل) التـي تكثـر فيـها زراعة الرز , وهي كثيرة الامطار شتاءاً وصيفاً( ) ، ثم مدينة ساريه التي اقام بها الطاهريون دولتهم في المئة الثالثة للهجرة (التاسعة للميلاد)( ) .
-اقليم جرجان
اقليم جرجان او (كركان) على ما ينطق به الفرس , فيمتد في جنوب شرقي بحر قزوين, مجاورا لاقليم طبرستان , ويضم في الاغلب السهول العريضة والاودية التي يسقيها نهر (جرجان) ونهر (اترك)( ) , وكان هذا الاقليم احيانا يضاف الى اقليم خراسان لمحاذاته له( ) , ويمتد اقليم جرجان شرقا من بحر قزوين الى الصحراء التي تكون الحد الفاصل بين خراسان والارض الزراعية في دلتا نهر جيحون وهي التي يقال لها (خوارزم)( ).
وجرجان منطقة زراعية تكثر فيها الانهار( ) , واهم انهارها يحمل اسم الاقليم (نهر جرجان) , ونهر (اترك) وهو اطول من نهر جرجان , ويجري في القسم الشمالي من الاقليم( ). وامطار الاقليم غزيرة بشكل واسع( ) .
وتشكل جبال اقليم طبرستان مانعا يعيق عملية التنقل بين جرجان وطبرستان فيما عدا بعض الممرات الطبيعية التي اصبحت ممرات تنتقل عبرها القوافل , والاقوام والجيوش , واهمها الطريق الذاهب شرقا من آمل في طبرستان الى استراباد ومدينة جرجان( ) , واهم مدن الاقليم هي قصبة جرجان التي تحمل اسم الاقليم ويخترقها نهر جرجان , وتكثر فيها بساتين الفواكه( ) , وثاني مدن الاقليم مدينة استراباد القريبة من حدود مازندران , وقد وصفها (المقدسي)( ) بانها "اطيب هواء واصح ماء من جرجان كلها ويكثر فيها القز".
وهكذا يتبين ان بلاد ايران تتكون من انماط وبيئات جغرافية متنوعة فهناك الجبال الشاهقة , والهضاب المرتفعة , والى جانبها الصحاري الواسعة والسهول الكبيرة الممتدة على حافات الانهار . وان هذا التباين اثر تاثيرا كبيرا على توزيع السكان ونوع المحاصيل الزراعية والثروة الحيوانية , وعلى الرغم من ان ايران محاطة بالسلاسل الجبلية الشاهقة الا ان هذه الجبال تتخللها بعض الممرات الطبيعية التي استخدمت معابر للاتصال الحضاري والتجاري مع الشعوب والاقوام الاخرى.
واستخدمت ايضا لعبور الجيوش الزاحفة نحو ايران او الخارجة منها للتوسع والسيطرة , فلم تكن حدود الدول التي قامت في ايران مقتصرة على الحدود الجغرافية للهضبة الايرانية , بل توسعت خارجها على حساب الاقوام والممالك المجاورة , فيذكر ان كسرى انوشروان (531-579م) قدم عليه في يوم واحد خمسة وعشرون ملكا من الملوك الصغار طائعين له( ) , ويبدو انهم ملوك الاقاليم الساسانية , ومن هذا نستشف ان عدد اقاليم الدولة الساسانية اكثر من خمسة وعشرين اقليما .
ب- البلدان الاخرى:
لم يقتصر الساسانيون الذين اسقطوا الدولة الفرثية على اقليم فارس مسقط رأسهم ، بل توسعوا بعد تأسيس دولتهم ، لتشمل اضافةً لبلاد ايران ، العديد من البلدان المجاورة لهم ، فقد توسعوا شرقاً وجنوباً فضموا بلاد (افغانستان وبلوجستان (باكستان في الوقت الحاضر) وتركستان) ( )، وباتجاه الغرب فشملت دولتهم اقاليم (الجزيرة ، العراق ، البحرين) وكانت هذه الاقاليم عبارة عن ولايات تابعة لملوك آل ساسان وتحت حكمهم ( )، في حين كانت اقاليم اخرى مسرحاً للحروب المستمرة فمرةً تخضع للدولة الساسانية ومرةً اخرى تخرج عن طاعتها لتكون ضمـن ممتلكات الامبراطوريـة البيـزنطية ( ) ، وكان ذلك يعتـمد عـلى قوة الدولة وسطوتها ( ). ومن تلك البلدان ، بلاد الهون (الهياطلة) ( )، وبلاد ما وراء النهر شرقاً ( )، وبلاد الشام وبيت المقدس ومصر ( )، واليمن غرباً ( )، واسيا الصغرى وارمينيا شمالاً ( ).
وسوف تقتصر دراستنا على ذكر الاقاليم الغربية التابعة للدولة الساسانية التي لم تخرج عن حكمها طيلة العهد الساساني ، لانها كانت تعد جزءاً من الدولة الساسانية فضلاً عن انها لعبت دوراً مهماً في الصراع المستمر بين الامبراطوريتين الساسانية البيزنطية ، فاحد تلك الاقاليم ضم عاصمة الدولة ، ومركز قرارها السياسي ومستقر ملوكها وكبار رجال الدولة وعظمائها . واهم تلك الاقاليم :
اولاً: بلاد الرافدين ويشمل :
أ. اقليم الجزيرة :
كان العرب يسمون بلاد الرافدين العليا بالجزيرة ، وهي المنطقة المحصورة ما بين نهري دجلة والفرات( )، وقد ضموا الى الجزيرة كثيراً من البلاد الفراتية التي في الجانب الاخر من الفرات لقربها من البلاد الجزرية ( )، وكان هذا الاقليم ينقسم الى ثلاثة مناطق عرفت باسماء القبائل التي سكنتها قبل الاسلام ، وهي : ديار ربيعة ، وديار مضر ، وديار بكر (بن وائل) ( ). وكان الساسانيون يحكمون هذا الاقليم حيث كانت هذه المناطق تحت ادارة اصبهذ الغرب ، وكانت مدينة الموصل التي تقع غربي نهر دجلة أجل واكبر مدن ديار ربيعة، وهي مدينة كبيرة تعتمد في زراعتها على مياه نهر دجلة ( )، وتعد الرقة قاعدة ديار مضر واكبر مدنها وتقع شرقي نهر الفرات ، وهي كثيرة الزروع والاشجار ( )، اما مدينة آمد فهي اكبر مدن ديار بكر وتقع شرقي نهر الفرات وتمتاز بخصوبة اراضيها ( ).
وقد ذكر (المقدسي)( ) اقليم الجزيرة تحت اسم (اقليم آقور) وهو فيما يبدو الاسم القديم للسهل الواقع شمال ما بين النهرين ، ويجري في هذا الاقليم النهران الكبيران دجلة والفرات وروافدهما ( ). ويبدو ان الديارات الثلاثة قد حددتها الفواصل المائية ، فقد كانت ديار بكر سقي نهر دجلة من منبعه حتى منعطفه جنوب تل فافان بما فيها الاراضي التي تمر فيها روافده التي تصب فيه من يساره غرب تل فافان ( ). اما ديار مضر فهي الى الجنوب الغربي وتشمل الاراضي المحاذية للفرات ، من نهر سمياط عند خروجه من سلاسل الجبال منحدراً الى عانة مع السهول التي يسقيها نهر البليخ رافد الفرات ( )، الذي ينبع من شمال حران ( ). ويعد نهر البليخ الذي عرفه اليونان باسم (بليخا) من اهم روافد الفرات ، ويجري من اراضي ديار مضر ، ويتجه نحو الجنوب ، ثم يلتقي بالفرات اسفل مدينة الرقة ، ويعتمد عليه سكان هذه المناطق في ري مزروعاتهم ( ).
اما ديار ربيعة فتقع شرقي ديار مضر ، وتتألف من الاراضي التي تقع في شرق نهر الهرماس الذي يجري في وادي الثرثار نحو الشرق الى دجلة ، وكذلك تشمل الاراضي الممتدة على ضفتي نهر دجلة من تل فافان الى تكريت ، أي الاراضي الواقعة غرب نهر دجلة حتى نصيبن ، والواقعة شرقه وهي السهول التي يسقيها الزابان الاعلى والاسفل ونهر الخابور ( ). ومن اهم مدن اقليم الجزيرة ، مدينة الموصل وهي قاعدة ديار ربيعة ، وتقع على نهر دجلة ، في الجهة المقابلة لاطلال نينوى( ) وكانت في موضعها ايام الدولة الساسانية مدينة تعرف باسم (بوذا اردشير)( )، ثم مدينة أربل ( )، وهي اربلا القديمة واربيل في الوقت الحاضر ، وقامت في المنطقة الواقعة بين الزاب الاعلى والزاب الاسفل ، وترقى اربيل الى العهود الاشورية واسمها الاشوري (اربا-ايلو) ومعناها اربعة الهة ، ولعل اربل احد اسماء الالهة عشتار لانها موطناً لعبادة هذه الالهة ( ). ومن المدن المهمة الاخرى مدينة نصيبين( ) وهي نسيبيس الرومانية ، تقع اعالي نهر الهرماس ، ويسميها اليونان سوكورس او مكدوينس ، وهـي اعظم مـدن اقليم الجزيرة ( ) ، وقـد وصفها (ابن حوقل) ( ) بـانها "اجمل بقاع الجزير