الفصل الأول
نظرة عامة في أحوال الدولة الساسانية ((224) 226-651م)
أولاً: الجغرافية التاريخية
أ- بلاد إيران
1. التسمية
2. الموقع والحدود
3. التضاريس والمناخ
أ- سلسلة الجبال الغربية
ب- سلسلة الجبال الشمالية
ج- سلسلة جبال مكران
4. اهم الأقاليم
- اقليم مادي
- اقليم الاحواز
- اقليم فارس
- اقليم مكران
- اقليم سيستان
- اقليم كرمان
- اقليم خراسان
- اقليم اذربيجان
- اقليم قومس
- اقليم طبرستان
- اقليم جرجان
ب- البلدان الاخرى
أولاً: بلاد وادي الرافدين
أ- اقليم الجزيرة
ب- اقليم العراق
1. مملكة ميسان
2. مملكة الحيرة
ثانياً: بلاد ارمينيا
ثانياً: تأسيس الدولة وطبيعة نظام الحكم
أ- إيران قبل العهد الساساني
ب- نسب الاسرة الساسانية
ج- تاسيس الدولة
د- طبيعة نظام الحكم
هـ- ولاية العهد
و- ادارة الدولة
1. كبير الوزراء
2. المناصب الادارية العليا في الدولة
3. ادارة الاقاليم
أولاً: الجغرافية التاريخية:
من خلال دراسة اغلب المصادر التي تناولت الرقعة الجغرافية للدولة الساسانية لاحظنا اقتصارها على دراسة اقاليم بلاد إيران في حين ضمت الدولة الساسانية اقاليم وبلدان اخرى , حتى ان العاصمة الإدارية والسياسية للدولة كانت خارج بلاد ايران .
ولتوضيح ذلك قسمنا الدولة الساسانية الى: أ- بلاد ايران ب- البلدان الاخرى
أ- بلاد إيران:
1. التسمية:
ان لفظة ايران ماخوذ من الاصل الافستي ( ) (اريا) (Airiya)( ), وتعني بلاد الاريين( ) , حيث اطلق زرادشت ( بداية القرن السادس ق.م ) هذه اللفظة على القبائل التي سكنت اسيا الشمالية ثم نزحت الى الجهات الجنوبية الغربية طلباً للرعي والكلأ ( ) . وتعني في الفارسية القديمة السامي او النجيب ( ). ومنها اخذت الكلمة الجنسية والجغرافية لايران (اريا-ايران) , ولذلك كان يقال لطبقة ملوك ايران (اريامهر) أي حامي الايرانيين ( ), ويرجح ان يكون استعمالها قد بدأ في الالف الاول قبل الميلاد ( ).
وجاء في التاريخ الاسطوري ان لفظة (ايران) ماخوذة من (ايرج) ابن افريدون احد قدامى ملوك ايران , الذي ملك العالم (القديم) ,وقسم الارض بين اولاده الثلاثة , فاعطى الشمال والشرق لابنه (تور) , وسمي ذلك القسم (توران) , واعطى الغرب لابنه الثاني (سلم), وسمي ذلك القسم (الشام) , واعطى القسم الاوسط الذي كان بمنزلة القلب , وهو القسم الافضل تربة وهواء لابنه الاصغر (ايرج) , فسمي ذلك القسم (ايران) ( ).
وتسمى بلاد ايران باسم بلاد فارس ( ), وهي ماخوذة من اسم احدى القبائل الهند-اوربية التي نزحت بلاد ايران في الالف الاول قبل الميلاد , وعرفت باسم برسا(parsa)( ), واستوطنت القسم الجنوبي الغربي من ايران , المطل على الساحل الشرقي للخليج العربي , وسمي الاقليم باسم فارس ( ), وقد استخدم هذا الاسم من قبل اليونان والرومان , والعرب ليعنوا به ايران كلها ( ), واليه تنسب لغة البلاد التي عرفت باللغة الفارسية (زبان فارسي) ( ).
وقد اطلق العرب على بلاد ايران اسما اخر هو بلاد العجم ( ), وعلى سكانها اسم العجم او الاعاجم , وهو مصطلح مشتق من العجمة , أي الابهام وعدم الافصاح ( ), وقد اطلق هذا الاسم على غير العرب من الاقوام , لكنه عني به الايرانيين بصفة خاصة , فقيل (العجم) أي الفرس وبلاد العجم أي (بلاد ايران( )) ويبدو ان اقتران هذا الاسم بالايرانيين لانهم اكثر الشعوب اختلاطا بالعرب بسبب الموقع الجغرافي المجاور لهم .
وذكر المؤرخون المسلمون اسما اخر اطلقه الساسانيون على انفسهم هو (ايرانشهر) أي دولة ايران , او اقليم ايران ( ).
ومن هذا يتبين ان بلاد ايران اطلق عليه اسماء (ايران وبلاد فارس وبلاد العجم وايرانشهر) , وهي اسماء راج استعمالها خلال الحقب التاريخية لتلك البلاد والتي تدل على مسمى واحد .
2- الموقع والحدود :
ارتبط الانسان بالارض ارتباطا مصيريا , فتفاعل معها مخلفا اثاره واعماله وانجازاته, لذلك فان للجغرافية اثراً واضحاً على الاحوال الاجتماعية للانسان , وعلى ارض بلاد ايران قامت حضارات ما زالت اثارها باقية , كان المجتمع الساساني احد المساهمين فيها, تاركا بصماته الواضحة عليها.
تقع ايران في القسم الغربي من قارة اسيا ( ), في هضبة شبيهة بالمثلث ما بين وادي نهر السند( ) شرقا ووادي نهر دجلة غربا , وهي محصورة بين منخفضين طبيعيين هما بحر قزوين شمالا والخليج العربي جنوبا ( )، وتحتل بلاد ايران القسم الاكبر من هذه الهضبة ( ), التي تقع في اجزائها الشرقية بلاد افغانستان وبلوجستان( ) ، وكلا هذين البلدين محاطٌ بسلاسل جبلية عالية تمثل الحدود الجغرافية للهضبة , وتشكل جبال الغربي بين ايران وبلاد الرافدين
( ), وتحيط هذه السلاسل بصحراء كبيرة هي بقايا بحر مندرس , تعرف باسم (دشت لوط)( ) واطلق عليها البلدانيون العرب اسم المفازة ( ) .
وعلى الرغم من ان ايران محاطة من جميع جهاتها بسلاسل جبلية متفاوتة الارتفاع الا ان هذه الحواجز لم تكن مانعا امام انتقال الشعوب والقبائل والافراد , لوجود مجموعة من الممرات التي سهلت الاتصال بين داخل الهضبة وبين المناطق المجاورة مما وراء السلاسل مثل بوابة اسيا ( ).
3- التضاريس والمناخ :
ان تمتع ايران بموقع جغرافي يتوسط طرق المواصلات البرية التي تربط الشرق الاقصى في اسيا بمنطقة البحر المتوسط واوروبا , اثر تاثيرا كبيرا في حياة البلاد السياسية والاقتصادية منذ اقدم العصور , فقد ظلت طرق التجارة الرئيسة بين الشرق والغرب تمر بشمالي ايران مئات السنين ( ). وتمثل السلاسل الجبلية التي تحيط بايران , التي تخترقها الوديان وبعض الانهار , حدودا فاصلة مع الدول والاقوام المجاورة , كالاناضول وبلاد الرافدين( ) , واهم السلاسل الجبلية في ايران :-
أ- سلسلة الجبال الغربية :
وتعرف باسم جبال زاكروس , وهي التسمية التي تطلق على السلسلة التي تنفصل عن جبال طوروس وتمتد من الشمال الغربي الى الجنوب الشرقي ( ). وتمتد على طول الجهة الغربية من ايران ( ), وتعرف اقسامها الشمالية باسم جبال كردستان , واقسامها الوسطى باسم لورستان واقسامها الجنوبية باسم بختياري ( ), ويصل طولها الى (640) ميلا , وتتراوح ارتفاعاتها بين (3280-5580) قدماً , وتتالف من عدة سلاسل جبلية متوازية( ) , ويتفرع من السلسلة الوسطى من جبال زاكروس لسان او ذراع يتجه الى الحدود الشرقية من بلاد الرافدين باتجاه جبل حمرين( ) , فكثيرا ما هاجمت بعض الاقوام الجبلية وادي الرافدين عبر هذه الجبال مثل الكاشيين( ) في منتصف الالف الثاني قبل الميلاد( ).
لقد كانت سلسلة جبال زاكروس دائما حلقة الوصل بين ارمينيا والاناضول وبلاد الرافدين وبين منطقة قزوين وعيلام , وتوجد في هذه الجبال المنحدرات والوديان التي تكثر فيها المراعي واشجار الغابات , مما جعلها مستقرا لكثير من الاقوام و منهم الميديون( ), الذين اقاموا في بعض مناطقها المدن الكبيرة , واهمها العاصمة اكبتانا ( ).
وتشرف جبال زاكروس على بحيرتين في غاية الاهمية , الاولى في اقصى هذه الجبال وتسمى بحيرة (وان)( ) . وقد سكنت هذه المنطقة اقوام قديمة عرفت باسم (اورارتو)( ), والبحيرة الثانية تقع الى الشرق من جبال زاكروس وتعرف باسم (ارومية)( ) , حيث تصب فيها المياه المنحدرة من تلك الجبال( ) .
وتاخذ جبال زاكروس جنوب بحيرة ارومية بالضيق وقلة الارتفاع حتى تتلاشى عند منطقة بدرة وجصان (في الوقت الحاضر) , حيث تبدا بعدها سهول الاحواز او سهول سوسيانا (نسبة الى سوسة عاصمة الاقليم )( ) ، وتخترق هذه الجبال ممرات طبيعية اهمها الممر الذي يربط خانقين بكرمنشاه (بوابة اسيا)( ) , وهو الممر الذي استخدمه المسلمون بعد الانتصار في معركة جلولاء سنة (16هـ-637م) للدخول الى بلاد ايران ( ).
ب- سلسلة الجبال الشمالية :
وتعرف باسم جبال البرز (أي الجبل العالي) , هذه الجبال تمثل الحد الفاصل بين هضبة ايران والاراضي السهلية على ساحل بحر قزوين ( ). وتبلغ اعلى ارتفاعاتها نحو (19000 قدم) عند جبل ديماوند ، الذي ورد ذكره في المدونات المسمارية الاشورية باسم (جبل مكيني) ( ). وهذه السلسلة على هيئة قوس , يتصل طرفها الغربي باقليم اذربيجان , الذي يتميز بكثافة سكانه ووديانه الخصبة( ) , اما الطرف الشرقي لجبال البرز فيمتد مع الساحل الجنوبي لبحر قزوين مكونةً سهلا ساحليا يعد من اشهر المناطق خصوبة في ايران( )، ويستمر امتدادها باتجاه بلاد الهند حيث تتصل بجبال الهملايا ( ), وتعرف الاقسام الشرقية منها بجبال خراسان ( ), وهي جبال اقل ارتفاعا من السلسلة الشمالية ولهذا فهي سهلة العبور, لاسيما عندما يتغير اتجاهها عند جبال هندكوش ( ), حيث يوجد ممر طبيعي يعرف باسم (بوابة خراسان) , سهل التنقل عبر هذه الجبال التي اشتهرت بوديانها الخصبة ( ), ثم يمتد نطاق هند كوش جنوب بوابة خراسان فيضم اقليمي افغانستان وبلوجستان الذين يضمان سلاسل جبلية شديدة الوعورة , الا انها تحتوي على ممرات تربط بين ايران والهند وبين اواسط اسيا وتركستان الصينية , حيث كان طريـق الحرير يمر عبر هذه الممرات ( ).