التصدي القرآني لأعداء علي(عليه السلام)
استخدم القرآن من خلال كشفه لصفات علي(عليه السلام)وسلوكه الإلهي سابق الذكر، اُسلوب ربط الناس حول علي(عليه السلام)لأنه المنقذ من الضلالة، وخطّه الإلهي هو الفصل بين الحق والباطل ، وتمثل مواقفه القرآنية المعيار الحق الذي توزن به الأعمال.
من هذا المنطلق يتوسع القرآن في طلبه في العلاقة مع علي لتكون أكثر من البعد الذهني والعقلي، فتمتد الى الإنشداد العاطفي والمحبة الصادقة كشرط ولائي يدفع الى العمل والتطبيق والإنضمام تحت خطّ علي(عليه السلام)لذا قال تعالى: ( قل لا أسئلكم عليه أجراً إلاّ المودة في القربى) [41] .
فعن ابن عباس، قال : لما نزلت ( قل لا أسئلكم عليه أجراً إلاّ المودة في القربى) قالوا: يا رسول الله، من قرابتك الذين وجبت علينا مودّتهم؟ قال: علي وفاطمة، والحسن والحسين [42] .
وبالوقت الذي يؤكد فيه القرآن الكريم على وجوب مودّة علي(عليه السلام)ومحبته يتصدى من جانب آخر لمن يبغض علياً ويقف منه موقف العداء حيث يصنفه في شريحة المنافقين، لأن الإمام هو الرمز الإلهي في الأرض الذي يمتحن الله فيه القلوب ، ولا نجد من تمتع بهذه الخصوصية غير علي(عليه السلام).
فجاء عن ابن عباس في قوله تعالى: ( وقفوهم إنّهم مسؤولون) [43] وعن أبي سعيد الخدري عن النبي(صلى الله عليه وآله) قال: عن ولاية علي بن أبي طالب [44] .
أ مّا قوله تعالى: ( ولتعرفنّهم في لحن القول)[45] عن أبي سعيد الخدري، قال: (ببغضهم علياً(عليه السلام)) [46] .
وتبين الآية الكريمة التالية مدى علاقة الإمام بالرسول حيث جعلت الموقف السلبي من علي يتضمن الموقف نفسه من رسول الله، ففي قوله تعالى: ( وشاقّوا الرّسول من بعد ما تبيّن لهم الهدى) [47] .
قال(صلى الله عليه وآله): في أمر عليّ(عليه السلام) [48] .
وهكذا بقي القرآن الكريم يهاجم في كثير من آياته من كذّب رسول الله(صلى الله عليه وآله) في قضية قرب رسول الله من علي وتفرده بالخصوصيات والمهمات التي كان(صلى الله عليه وآله) يمنحها لعلي(عليه السلام) وكشف القرآن ذات الرسول وأذيته النفسية التي كان يتلقاها من مبغضي علي(عليه السلام).
فجاء في قوله تعالى: ( فمن أظلم ممّن كذب على الله وكذّب بالصدق) [49] هو من ردّ قول رسول الله(صلى الله عليه وآله) في علي(عليه السلام) [50] .
أما قوله تعالى: ( والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً واثماً مبيناً) [51] تفضح مظالم المنافقين لعلي وتبين نزاهته فقد ورد أنها نزلت في علي(عليه السلام)، لأن نفراً من المنافقين كانوا يؤذونه ويكذبون عليه [52] .
وتوضح الآية الكريمة التالية أيضاً على أن الله ينتقم من أعدائه بعلي ، وبهذا يستلزم أن كل من قاتل عليّاً (عليه السلام) هو عدو الله: ( فإمّا نذهبنّ بك فإنّا منهم منتقمون) [53] .
قال ابن عباس : بعلي(عليه السلام) [54] .
وعن أبي عبدالله الجدلي قال: قال لي علي(عليه السلام): ألا اُنبئك بالحسنة التي من جاء بها أدخله الله الجنة والسيئة التي من جاء بها أكبّه الله في النار ولم يقبل منه عملاً ؟ قلت بلى: ثم قرأ ( من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون* ومن جاء بالسّـيّئة فكبّت وجوهم في النار)[55] ثم قال: يا أبا عبدالله! الحسنة حبّنا والسيئة بغضنا [56] .
ولحق الخطاب القرآني في تصديه لأعداء الإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام) نشاطُ الرسول(صلى الله عليه وآله)حيث ورد عدد من الروايات تصنف في دلالتها الناس الى من هو محب لعلي ومن هو مبغض له ، ولا تفكك بين من يحب الرسول(صلى الله عليه وآله)ومن لا يحب علياً، وإنما الإيمان هو الحب لهما معاً لأن رسالتهما واحدة.
جاء في مسند أحمد من عدة طرق أن النبي(صلى الله عليه وآله) قال: من آذى عليّاً فقد آذاني [57] وأيها الناس من آذى علياً بُعث يوم القيامة يهودياً أو نصرانياً [58] .
وفي مسند أحمد أيضاً: أن النبي(صلى الله عليه وآله) قال: لا يُحبّك إلاّ مؤمن، ولا يُبغضك إلاّ منافق [59] .
وقال رسول الله(صلى الله عليه وآله) مشيراً الى أمير المؤمنين: أيها الناس امتحنوا أولادكم بحبّه فإن علياً لا يدعو الى ضلالة ، ولا يُبعد عن هدىً فمن أحبه فهو منكم، ومن أبغضه فليس منكم [60]