قضاء النبي دانيال(ع).
كانت يتيمة عند رجل فتخوفت المرأة أن يتزوجها فدعت بنسوة حتى أمسكنها و أخذت عذرتها بإصبعها ,فلما قدم زوجها رمت المرأة اليتيمة بالفاحشة و أقامت البينة من جاراتها فرفع ذلك إلى عثمان أو إلى عمر ,فجاء بهم إلى علي (عليه السلام) : فسألها البينة ,فقالت جيراني هؤلاء ,فأخرج أمير المؤمنين السيف من غمده فطرحه بين يديه ,ثم دعا امرأة الرجل فأدارها بكل وجه فأبت أن تزول عن قولها , فردها ,و دعا بإحدى الشهود , و جثا على ركبتيه , ثم قال تعرفيني أنا علي بن أبي طالب , و هذا سيفي , و قد قالت امرأة الرجل ما قالت , و أعطيتها الأمان , و إن لم تصدقيني لأمكنن السيف منك ,فقالت : الأمان على الصدق ,قال : فاصدقي ,فقالت : لا , و الله إنها رأت جمالا و هيئة فخافت فساد زوجها فسقتها المسكر , و دعتنا فأمسكناها , فافتضتها بإصبعها ,فقال (عليه السلام) : الله أكبر , أنا أول من فرق الشهود بعد دانيال النبي .
فألزمها حد القاذف , و ألزمهن جميعا العقر , و جعل عقرها أربعمائة درهم ,و أمر المرأة أن تنتفي من الرجل و يطلقها زوجها , و زوجه الجارية و ساق عنه (عليه السلام) .
فقال عمر : يا أبا الحسن , فحدثنا بحديث دانيال ,فحكى (عليه السلام) أن ملكا من ملوك بني إسرائيل كان له قاضيان و كان لهما صديق و كان رجلا صالحا و كان له امرأة جميلة فوجه الملك الرجل إلى موضع ,فقال الرجل للقاضيين : أوصيكما بامرأتي خيرا ,فقالا : نعم ,فخرج الرجل و كان القاضيان يأتيان باب الصديق , فعشقا امرأته فراوداها عن نفسها فأبت ,فقالا : لنشهدن عليك عند الملك بالزناء , ثم لنرجمنك ,فقالت : افعلا ما أحببتما ,فأتيا الملك : فشهدا عنده بأنها بغت ,فدخل على الملك من ذلك أمر عظيم , و قال للوزير ما لك في هذا من حيلة ? ,فقال : ما عندي في هذا شيء ,ثم خرج فإذا هو بغلمان يلعبون , و فيهم دانيال ,فقال دانيال : يا معشر الصبيان تعالوا حتى أكون أنا الملك , و تكون أنت يا فلان العابدة و يكون فلان و فلان القاضيين الشاهدين عليها ,ثم جمع ترابا و جعل سيفا من قصب ثم قال للصبيان خذوا هذا فنحوه إلى مكان كذا و كذا , و خذوا بيد هذا إلى موضع كذا , ثم دعا بأحدهما , فقال له : قل حقا فإن لم تقل حقا قتلتك بما تشهد ,قال : أشهد أنها بغت ,قال : متى ? ,قال : يوم كذا و كذا , قال : مع من ? ,قال : مع فلان بن فلان ? ,قال : و أين ? ,قال : موضع كذا و كذا ,قال : ردوه إلى مكانه . و هاتوا الآخر ,فلما جاء , قال له : بما تشهد ? ,فقال : أشهد أنها بغت ? ,قال : متى ? ,قال : يوم كذا و كذا ,قال : مع من ? ,قال : مع فلان بن فلان ,قال : فأين ?,قال : في موضع كذا و كذا ,فخالف صاحبه ,فقال دانيال , الله أكبر , شهدا بزور , يا فلان ناد في الناس إنما شهدا على فلانة بالزور , فاحضروا قتلهما ,فذهب الوزير إلى الملك مبادرا فأخبره الخبر ,فحكم الملك في القاضيين , فاختلفا , فقتلهما .(مناقب آل أبي طالب:ج2: 372