إذا تساءلنا ما هو التكبر..؟! فإننا سنجد أنه: حالة أن يرى الإنسان نفسه أفضل وأعظم من الآخرين.. ومن علاماته: أن يستاء الشخص من مساواته بالآخرين، وان يتقدم على الآخرين في الطريق، والرغبة في الجلوس في صدر المجلس، وأن لا يرد السلام أو يرده ولا يبادر به أولاً، والانزعاج والرفض من قبول النصائح والتوجيهات من الآخرين باعتباره أعلى مرتبةً منهم، وانتظار الخدمة..!! ولعل هذه الصور جميعها متحققة في أيامنا إضافةً إلى صورةٍ أكثر تحققاً ـ حسب ما أعتقد ـ وهي إذا قلتَ لشخصٍ اترك العمل الفلاني، يقول لك: أنت فضولي، اذهب وأصلح نفسك..!! فهذه صورة أخرى من صور التكبر..
التواضع لن يقلل من مكانتك والتفاخر والتعالي لن يزيد من قيمتك..!! ومن يريد أن يكون فوق سائر الناس يجب أن يضع نفسه أدنى منهم...!! وإن أراد أن يكون في مقدمتهم يضع نفسه خلفهم...!! عندها ورغم وجوده فوق سائر الناس لن يشعروا بثقله ورغم وجوده في المقدمة لن يعتبروا ذلك إهانةً...!! يقول المثل العربي: (الأرض الواطئة تشرب ماءها وماء غيرها)..!! وكن على يقين بأن المتواضع والمتكبر سيموتان، والتاريخ وحده هو من سيذكر العظيم فعلاً...!!
اعرف كثيرين يعتقدون أنهم أصحاب جاه ولهم مراكز اجتماعية لكونهم في هذه الدائرة أو تلك.. في حين أنهم لا مراكز لهم ولا مكان في المجتمع..!! تراهم يختلفون عن الآخرين في المشي والكلام والحركات والملابس وحتى (النظارات)..!! وكأنهم يقولون لك أنا أفضل منك..!! نعم فالمتكبر لا يتكبر الإ لذلةٍ في نفسه، لأنه ذلك المريض غير الواعي الذي يتكبر لان ذاته تافهة منحطة..!! فالذي يدفع الإنسان إلى التكبر هو الشعور بالحقارة والتوتر الخلقي..
ولعل تكبر الكثير من أبناء جيلنا يعود إلى أن كل إنسان يمر بتجارب مؤلمة في حياته، بعضها تحسسه بالفشل والعجز وينتهي الأمر إلى أن يترك في نفسه جراحاً عميقة..!! وبقصد معالجتها يلجأ إلى الإحساس بالرغبة في السيطرة والعلو على الآخرين...!! ولا شك أن حب الظهور والتسلط هو تعامل مع الذات، مع الشيطان، مع الشهوة..!! وإذا سار ذلك الشخص على هذا الخط تفاقم المرض إلى أن يكون أشبه بمرضٍ خبيثٍ..!!
إذن كلنا ـ وخصوصاً من فيه مرض التكبر ـ مدعوون لمراقبة سلوكنا ومحاولة تعديله عن طريق قراءة سير أعظم شخصيات التاريخ: الرسول الأكرم وأهل بيته وصحابتهم المخلصين، وكيف كانوا نموذجاً للتواضع على ما عندهم من العلم والمكانة الاجتماعية بين الناس.. ولنراجع أنفسنا ـ نحن المرضى ـ الذين لا قيمة لنا قبال هؤلاء العظماء...!! لنحاول إصلاح الذات وتحقيق التوازن والاستقرار النفسي.. ولكن هل من مجيبٍ لهذا النداء...؟!