السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
قال تعال (صِرَاطَ الذيِنَ أَنعَمتَ عَلَيهِم غَيرِ المَغَضُوبِ عَلَيهِم ولَا الضَآليِنَ)
1 من هم (الذين أنعمت عليهم )؟
الذين أنعم الله عليهم .تبينهم الآية الكريمة من سوره النساء إذ يقول الله : (وَمَن يٌطِع اللهَ وَالرسُول أولئكَ مَعَ الذِينَ أَنعَمَ اللهُ عَلَيهِم مِنَ النبِيينَ وَ الصديِيقينَ والشُهَداءِ والصالِحينَ وَحَسُنَ
أولئك رفيقاً )
الأية كما توضح تقسيم الذين أنعم الله عليهم على أربع مجاميع :الأنبياء , والصديقين , والشهداء, والصالحين ..
لعل ذكر هذه المجاميع الأربع إشاره إلى المراحل الأربع لبناء المجتمع الأنساني السالم المتطور المؤمن .
المرحلة الأولى:مرحلة نهوض الأنبياء بدعوتهم الألهية .
المرحلة الثانية:مرحلة نشاط الصديقين الذين تنسجم أقوالهم مع أفعالهم لنشر الدعوة .
المرحلة الثالثة:مرحلة الكفاح بوجه العناصر المضاده الخبيثة في المجتمع وفي هذه المرحلة يقدم الشهداء دمهم لارواء شجره التوحيد.
المرحلة الرابعة:هي مرحلة ظهور الصالحين في مجتمع طاهر ينعم بالقيم والمثل الانسانيه باعتباره نتيجه للمساعي والجهود المبذولة ..
2 من هم (المغضوب عليهم) , ومن هم (الضالين) ؟
يتضح في هذه الاية أن (المغضوب عليهم) و (الضالين) مجموعتان لامجموعة واحدة , أما الفرق بينهما ففية ثلاثة أقوال :
1_يستفاد من استعمال التعبيرين في القرآن الكريم أن (المغضوب عليهم) أسوأ وأحط من (الضالين) أي إن الضالين التائهون العاديون , والمغضوب عليهم المنحرفون المعاندون ,
أو المافقون , ولذلك استحقوا لعن الله وغضبه .
2_ذهب جمع من المفسرين إلى أن المقصود من (الضالين) المنحرفون من النصارى , و(المغضوب عليهم) المنحرفون من اليهود .
وهذا الفهم ينطلق من مواقف هذين الفريقين تجاه الدعوة الإسلامية . فالقرآن يصرح مراراً أن المنحرفين من اليهود كانوا يكنون عداءاً شديداً وحقداً دفينا للإسلام .
مع أن علماء اليهود كانوا من مبشري ظهور الإسلام , لكنهم تحولوا إلى أعداء ألداء للإسلام لدى انتشار الدعوة لإسباب عديدة منها تعرض مصالحهم المادية للخطر .
تعبير (المغضوب عليهم)ينطبق تماماً على هؤلاء اليعود , لكن هذا لايعني حصر مفهوم المغضوب عليهم بهذه المجموعة من اليهود بل هو من قبيل تطبيق الكلي على الفرد .
أما منحرفو النصارى فلم يكن موقفهم تجاه الإسلام يبلغ هذا التعنت , بل كانو ضالين في معرفة الحق . والتعبير عنهم بالضالين هو أيضا من قبيل تطبيق الكلي على الفرد .
3_من المحتمل أن (الضالين) إشاره إلى التائهين الذين لايصرون على تضليل الآخرين ,بينما (المغضوب عليهم) هم الضالون والمضلون الذين يسعون إلى جر الآخرين نحو هاوية الأنحراف .
الشاهد على ذلك حديث القرآن عن المغضوب عليهم بوصفهم (الذِينَ يَصُدونَ عن سَبيلِ اللهِ) , وإذ يقول (وَالذِينَ يُحَاجون فِي اللهِ مِن بَعدِ مَا استُجِيبَ لهُ حٌجتٌهُم دَاحِضَةُ عِندَ رَبهِم وَعَلَيهِم غَضَبٌ وَلَهُم عَذَابٌ شَديدُ)
ويبدوا أن التفسير الأول أجمع من التفسيرين التاليين , بل أن التفسيرين التاليين يتحركان على مستوى التطبيق للتفسير الأول , ولا دليل لتحديد نطاق المفهوم الواسع للآية .
والسلام .
أتمنى لكم الاستفاد
منقول بأختصار من كتاب الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل
للشيخ ناصر مكارم الشيرازي