إستانبول
الموقع الجغرافي:
تقع مدينة إستانبول في الجزء الأوربي من تركيا، فوق مدينة «القسطنطينية» الرومانية القديمة، وهي ذات طابع جغرافي فريد، إذ يحدها من الشمال "البحر الأسود"، ومن الشرق "بحر مرمرة"، ومن الجنوب "بحر إيجة"، ومن الغرب شريط ضيق من الأرض متصل بقارة أوروبا. وترجع أهمية هذا الموقع إلى أنه يجعل إستانبول أحد أهم نقاط الاتصال بين قارة آسيا وقارة أوروبا، وأنها تُعَدّ من أحصن المواقع الاستراتيجية في العالم، كما أنها تعد مفتاح أوروبا من الشرق.
إستانبول عبر التاريخ:
دخلت مدينة "إسلام بول" التاريخ الإسلامي والعالمي لتحل محل مدينة "القسطنطينية" الرومانية القديمة منذ فتحها السلطان محمد الفاتح سنة (857هـ) فغير اسمها إلى "إسلام بول" ثم حرفت إلى إستانبول بعد ذلك، وقام السلطان محمد الفاتح بتغيير الكثير من معالم المدينة الرومانية القديمة فحول كنيسة "آيا صوفيا" إلى مسجد كبير، وقام ببناء مسجد عند ضريح الصحابي الجليل أبي أيوب الأنصاري - رضي الله عنه، وبعد ذلك أصبح تنصيب السلاطين يتم عند هذا المسجد.
واستمرت إستانبول في دورها التاريخي كحاضرة لدولة الخلافة العثمانية إلى أن انتقلت العاصمة من إستانبول إلى "أنقرة" وسط "الأناضول" سنة (1923م)، وبرغم ذلك فما زالت تعيش المدينة ماضيها المتألق وذكريات مجدها الغابر وظلت قلب تركيا الثقافي والاقتصادي.
إستانبول.. معالم وآثار:
1- قلعة روميلي حصار: وهي القلعة التي بناها السلطان محمد الفاتح تمهيدًا لفتح القسطنطينية ولإحكام الحصار حولها، وتعد قلعة روميلي حصار من أهم معالم مدينة إستانبول التاريخية، وتتميز القلعة التي تطل على مضيق "البوسفور" بأسوارها وأبراجها العالية.
2- مسجد آيا صوفيا: بعد أن تم فتح القسطنطينية سنة (857هـ)، وقام السلطان محمد الفاتح بتحويل كنيسة «آيا صوفيا» إلى مسجد بعد أن أقام لها أربع مآذن، وظل مسجد آيا صوفيا من أبرز معالم إستانبول إلى أن جاء مصطفى كمال أتاتورك وحوّل المسجد إلى متحف!!
3- قصر "طوبقابي": بناه السلطان محمد الفاتح بعد فتح القسطنطينية، وكان قصر "طوبقابي" مقر حكم آل عثمان لفترة طويلة، وحوله بيوت الوزراء والأصدقاء والعسكر، وتحول قصر "طوبقابي" الآن إلى متحف يضم مجموعة من أهم الآثار الإسلامية، وبه مقتنيات من كافة أنحاء العالم الإسلامي، وفي هذا المتحف يوجد «مصحف عثمان» وهو أول مصحف مدون بالخط الكوفي، وبردة النبي - صلى الله عليه وسلم - التي أهداها للشاعر كعب بن زهير، ومجموعة كبيرة من اللوحات والنقوش والزخارف والسيوف واللآلئ المحلى بها الخناجر والعروش والتي تظهر جميعًا روعة الفن الإسلامي الذي يفتن السياح الذين يزورون المتحف.
4- جسر البوسفور: وهو أشهر جسر في العالم؛ فهو الوحيد الذي يربط بين قارتين، وهو رابع أطول جسر في العالم، وهو عمل هندسي كبير يرتفع فوق سطح الماء (64) مترًا ليسمح بمرور أعلى البواخر وأكبر الناقلات.
5- جامع السليمانية: يقع في منطقة السليمانية وهو من روائع فن العمارة الإسلامية، ولقد تفوق المسجد في بنائه وتصميمه على «آيا صوفيا» رائعة العمارة البيزنطية، حيث يمتاز بسعته وارتفاعه، وتفرده بالمآذن الأربع، وقد صمم المبنى المهندس المعماري الشهير سنان الذي يعتبر من عظماء مصممي العمارة الإسلامية.
6- المكتبة السليمانية: وهي واحدة من أكبر المكتبات في العالم الإسلامي، أنشأها السلطان العثماني سليمان القانوني سنة (957هـ/1550م)، وصمم مبنى المكتبة المعماري الشهير سنان، ويتبع المكتبة السليمانية الرئيسية المنسوبة إلى السلطان سليمان عدد من المكتبات الخاصة التي أنشأها أفراد.
ويبلغ عدد ما تحتويه المكتبة السليمانية من كتب مخطوطة ومطبوعة (98955) كتابًا، منها (64267) مخطوطة معظمها باللغة العربية، والباقي بالفارسية والتركية. هذا مع العلم بأن نظام حصر المخطوطات وإحصائها لا يذكر النسخ المكررة للكتاب الواحد.
وقسم الفهارس في المكتبة أنشئ في نهاية سنة (1979م)، ومقره السليمانية، وهو يضم ثلاثة فروع: فرع لفهرسة المخطوطات العربية، والثاني للتركية، والثالث للفارسية.
أصفهان
الموقع الجغرافي:
تقع أصفهان في وسط هضبة إيران، وتبتعد عن العاصمة طهرانلي (700 كم) باتجاه الجنوب، وهي من كبريات مدن إيران. تمتاز بطيب الهواء، وتربتها من أصح ترب الأرض، ومناخها معتدل.وأصفهان قديمة العهد، لهج بذكرها المسافرون، وأشاد بها المعجبون؛ لصحة هوائها وخلوها من جميع الهوام. وما أبلغ كلمة الحجاج فيها لأحد ولاته: "قد وليتك بلدة حجرها الكحل، وذبابها النحل، وحشيشها الزغفران". وقال الشاعر:
لسْتُ آسى من أصفهان على شيء
سوى مائها الرحيق الزلال
ونسيم الصبا ومنخرق الريح
وجوّ صاف على كل حال
ولها الزعفران والعسل الماذي
والصافنات تحت الجلال
أصفهان في التاريخ:
قديمًا كانت مدينة أصفهان بالموضع المعروف بـ "جي"، وهو الآن يعرف بشهرستان وبالمدينة.
ـ ولما سار "بختنصر" وأخذ بيت المقدس وسبى أهلها، حمل معه يهودها وأنزلهم أصبهان؛ فبنوا لهم في طرف من مدينة "جي" محلةً ونزلوها؛ وسميت اليهودية.
ـ وقد فُتحت أصبهان زمن عمر بن الخطاب في سنة (19هـ) بعد فتح نهاوند، فتحها عبد الله بن عبد الله بن عتبان، وكان على مقدمة جيشه عبد الله بن ورقاء الرياحي، وفي "فتوح البلدان" ذكر البلاذري أن فتح أصفهان ورساتيقها كان في حدود سنة (23هـ أو 24هـ).
وفي سنة (1593م) اتخذ عباس الصفوي الأول أصفهان عاصمة له بدلاً من "قزوين".
وهي من أعظم المدن التجارية والصناعية في البلاد، وأهم صناعاتها المواد الغذائية ومواد البناء والأقمشة والمنسوجات الصوفية.
أهم المعالم والآثار:
في أصبهان العديد من الأسواق والقصور التاريخية، والعديد من الآثار الإسلامية والمساجد التاريخية الأثرية، وللبعض منها مآذن تعود إلى أكثر من خمسمائة عام، وأشهرها:
ـ مئذنة سرابان: التي يعود تاريخ بنائها البديع بنقوشها وفسيفسائها وأصباغها إلى القرن الرابع عشر الميلادي.
ـ قصر الشاه عباس الصفوي الأول: بناه يوم اتخذ أصفهان عاصمة لملكه بدلاً من قزوين سنة (1593م).
ـ مسجد الشاه الكبير: وهو من أجمل المساجد في العالم.
ـ مسجد الإمام علي بن أبي طالب: ويعود بناؤه إلى القرن الحادي عشر للميلاد.
من أعلام أصفهان:
وقد خرج من أصفهان جماعة من أهل العلم والأدب والحديث - ما لم يخرج مثله من مدينة من المدن، منهم: أبو الفرج الأصفهاني صاحب كتاب "الأغاني"، والحافظ الإمام أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن مهران صاحب تصنيف "حلية الأولياء" المتوفى سنة (430هـ)، وأبو منصور حسين بن طاهر بن زيلة الأصفهاني، اختصر "الشفاء" لابن سينا، وشرح رسالة "حي بن يقظان"، ومات سنة (450هـ) ، والراغب الأصفهاني أبو القاسم حسين صاحب كتاب "محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء البلغاء"، ومات سنة (565هـ).
الإسكندرية
الموقع الجغرافي:
يكتسب الموقع الجغرافي للإسكندرية أهمية كبرى؛ فهي أحد أهم المنافذ البحرية المطلة على البحر المتوسط، وقد أكسبها هذا الموقع مناخًا متميزًا عن باقي أقطار مصر، كما جعلها عرضة للغزوات البحرية في عصورها المختلفة، وقد وصفها ابن بطوطة بقوله: (هي الثغر المحروس، والقطر المأنوس).
من تاريخ الإسكندرية:
ـ في سنة (20 هـ/641م) افتتح عمرو بن العاص حصن "بابليون" فانفتح أمامه الطريق إلى الإسكندرية، وسار إليها في ربيع الأول سنة (20هـ)، وفتحها الله للمسلمين بعد حصار دام (14) شهراً. واهتم ولاة الإسكندرية المسلمون في العصرين الأمُوي والعباسي بتحصين ساحلها بالأربطة واعتبروها دار رباط؛ لأنها معرضة للهجوم من البحر، وكان ميناؤها أصلح مواني مصر لنزول العدو، واهتم الولاة كذلك ببناء عدد من المساجد فيها، ومنها: مسجد موسى عليه السلام، ومسجد الخضر، ومسجد سليمان أو مسجد الرحمة.
ـ واهتم المسلمون بالإسكندرية كأهم قاعدة بحرية فبنوا فيها دارًا لصناعة السفن.
ـ وفي العصر الأيوبي اهتم صلاح الدين الأيوبي اهتمامًا كبيرًا بالإسكندرية؛ فاهتم بعمارتها وتحصين أسوارها وتمكين دفاعاتها البرية والبحرية، وأنشأ صلاح الدين فيها مدرسة وبيمارستانًا (أي مستشفى) ودارًا للمغاربة.
- وشهدت الإسكندرية أزهى عصورها الإسلامية في العصر المملوكي، وقد بُنِيَ في هذا العصر أكثر من ثلاثة أرباع آثار الإسكندرية التي ما زالت قائمة إلى الآن، وخاصة ما بناه الناصر محمد بن قلاوون وخلفاؤه، وأيضًا القلعة الشهيرة التي بناها السلطان قايتباي.
الحركة العلمية في الإسكندرية:
كانت الإسكندرية قبل الفتح الإسلامي من أكبر مراكز الثقافتين اليونانية والرومانية، وبرغم انصراف الناس عن دراسة الفلسفة اليونانية بعد الفتح إلا أن الإسكندرية ظلت تحتل مركزها الثقافي العالمي طوال العصور الإسلامية؛ فقد نبغ فيها العديد من العلماء الذين تعلموا في المدارس التي بنيت في تلك العصور، ففي الطب نبغ سعيد بن نوفل وسعيد بن البطريق، وقد أسهم البيمارستان الذي بناه صلاح الدين في ازدهار العلوم الطبية وغيرها من العلوم التي كانت تدرس بمدرسة صلاح الدين، وفي العصر المملوكي نبغ في الطب عبد الواحد بن اللوز المغربي. وفي الهندسة والفلسفة والعلوم العقلية نبغ الرشيد بن الزبير الأسواني وأبو المكارم بن عامر بن فتوح المهندس، وفي علم الفلك نبغ ابن الشاطر الفلكي في العصر المملوكي. وكانت الإسكندرية منذ العصر الفاطمي ملتقى علماء المغرب والأندلس والمشرق على السواء ونذكر منهم: أبا الحجاج يوسف بن عبد العزيز بن نادر الميورقي، وأبا عبد الله محمد بن مسلم بن محمد القرشي المزري الصقلي، وأبا بكر الطرطوشي، وعبد الرحمن بن أبي بكر بن عتيق.
ـ وكانت الدراسة في العلوم الشرعية والعربية على نظام الحلقات العلمية في مساجد وجوامع الإسكندرية قديمها وحديثها.
من معالم الإسكندرية:
ـ الأبواب: ومن أهم أبوابها "باب الزهري"، و"باب الخوخة"، و"باب المندب".
- القلاع: من أهمها "قلعة قايتباي" التي أقامها الملك الأشرف قايتباي سنة (882هـ). وقلعة "السلسلة" التي بناها السلطان الناصر بن قلاوون. بالإضافة إلى مجموعة من الأبراج الشهيرة التي بُنيت في العصر المملوكي، ومنها: البرج الشرقي، وبرج ضرغام، وبرج باب السندرة، وبرج باب الزهري.
ـ المساجد: من أهمها الجامع الشرقي المعروف بجامع العطارين، وقد شيد سنة (1669م).
المدارس: المدرسة الخلاصية التي بناها عابد بن خلاص.
المدرسة النابلسية: بناها الشيخ جمال الدين النابلسي.
مدرستا الفخر وابن جامعة: وقد أنشأهما عبد اللطيف التكريتي.
البصرة
الموقع الجغرافي:
تقع مدينة البصرة على مسيرة (300) ميل إلى الجنوب الشرقي من بغداد.
ـ ومدينة البصرة متصلة بالخيلج الفارسي؛ حيث تقع عند دلتا نهري دجلة والفرات.
ـ وسميت البصرة بهذا الاسم؛ لأنه كان فيها حجارة رخوة، والبصرة هي الحجارة الرخوة، ويقال: إن البصرة مأخوذة من كلمة (بس راه) الفارسية، ومعناها المكان ذو الطرق الكثيرة والذي تتشعب منه أماكن مختلفة.
تاريخ البصرة:
ـ أَسَّس مدينة البصرة الصحابي والقائد المسلم عُتْبَة بن غزوان - رضي الله عنه - سنة (16هـ/637م) بأمر من الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
ـ وحينما مات عُتبة بن غزوان وَلَّى الخليفة عمر بن الخطاب المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - على البصرة، ثم عزله وولَّى مكانه أبا موسى الأشعري - رضي الله عنه، وفي ولايته شبَّ حريق بالبصرة أتى على أكثر بيوتها.
ـ ولما ولي عثمان بن عفان - رضي الله عنه - الخلافة في آخر سنة (23هـ) أقر أبا موسى الأشعري عليها حتى سنة (29هـ) ثم عين مكانه ابن خاله عبد الله بن عامر، وكان ميمون النقيبة كثير المناقب، وقام بفتوحات عظيمة في بلاد الفرس أزال بها دولتهم ولم تقم لهم بعدها قائمة.
ـ وفي عهد الدولة الأموية، اهتم معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنهما - بالبصرة كما اهتم بها من أتى بعده من خلفاء بني أمية، وذلك بسبب موقعها الممتاز.
ـ وقد بلغت مدينة البصرة أوج ازدهارها في العصر العباسي، حيث كانت مركزًا تجاريًا هامًا، كما ازدهرت الحياة العقلية في البصرة إلى جانب تقدمها الاقتصادي، فكانت المكتبات العامة، والمساجد أسمى ما يتوق إليه الأهالي في حياتهم.
ـ ومنذ العصر العباسي الثاني في القرن الثالث الهجري أخذ رخاء هذه المدينة يغيب، حيث تعرضت البصرة لعدة ثورات أهمها: ثورة الزنج سنة (257هـ) التي ألحقت أضرارًا بالغة بالمدينة، وهجوم القرامطة سنة (311هـ) الذين قاموا بنهب المدينة والفتك بأهلها.
ـ وفي سنة (656هـ) غزا المغول البصرة وقاموا بإحراقها، وتدمير مبانيها.
ـ وفي سنة (941هـ) انتقلت البصرة إلى أيدي الأتراك بعد أن سقطت في يد السلطان سليمان الأول.
ـ وفي سنة (1190هـ) شن الصفيون غارات على البصرة، حتى تمكنوا من الاستيلاء عليها، والتنكيل بأهلها.
ـ وفي سنة (1193هـ) ارتد الصفيون عن البصرة بعد أن تعاونت على طردهم الجيوش العثمانية مع القبائل العربية الساكنة في المنطقة، وبقيت البصرة خاضعة للخلافة العثمانية حتى بداية الحرب العالمية الأولى.
ـ وفي أوائل الحرب العالمية الأولى احتل الإنجليز البصرة، كما لعبت البصرة في الحرب العالمية الثانية دورًا مهمًا؛ فقد كانت قاعدة للحلفاء يرسلون منها البترول والعتاد إلى روسيا.
ـ وقد نالت البصرة استقلالها ضمن دولة العراق في منتصف القرن العشرين الميلادي.
أهم آثار البصرة ومعالمها:
ـ مسجد أبي موسى الأشعري ـ رضي الله عنه: الذي بني سنة (16هـ)، ويقع في البصرة القديمة التي تبعد (14كم) عن البصرة الحديثة.
ـ وجامع المقام: وهو من أكبر مساجد البصرة، ويقع في منطقة العشار، ويمتاز بنقوشه العربية الجميلة المكسوة بالفسيفساء والتي تغطي قبته ومئذنته.
ـ وسوق النحاسين: التي يوجد بالبصرة القديمة.
ـ ومن أهم أعلام البصرة: أبو الأسود الدؤلي المتوفى سنة (69هـ)، والحسن البصري المتوفى سنة (110هـ)، ومحمد بن سيرين المتوفى سنة (110هـ)، والخليل بن أحمد واضع علم العروض المتوفى سنة (160هـ)، والجاحظ أحد أعلام الأدب العربي المتوفى سنة (225هـ)، وأبو الحسن الأشعري مؤسس المذهب الأشعري المتوفى سنة (324هـ).